ديفيد أوجيلفي، الرجل المجنون الأصلي
كتاب "اعترافات رجل إعلان" لديفيد أوجيلفي يُعد من أشهر الكتب في تاريخ صناعة الإعلان، وذلك لأسباب وجيهة.
صحيح أنه لا يحتوي على الكثير من "الاعترافات"، لكنه كتاب ممتع، ذكي، ومليء بالنصائح العملية والقواعد الذهبية في الكتابة الإعلانية، إدارة العملاء، القيادة، والتقدّم المهني، وغير ذلك الكثير.
وإن لم تكن على دراية كافية بديفيد أوجيلفي—الرجل الذي استُلهمت منه شخصية "دون درايبر" في مسلسل Mad Men—فإليك نبذة سريعة عنه:
النشأة والبدايات
ولد ديفيد أوجيلفي في عام 1911 لأسرة بريطانية من الطبقة العليا. حصل على منحة للدراسة في جامعة أكسفورد، لكن طُرد منها بسبب تدني أدائه الأكاديمي.
عمل مساعد طاهٍ في فندق ماجستيك بباريس، ثم عاد إلى بريطانيا ليعمل بائعًا متجولًا لأفران شركة آغا AGA في أسكتلندا. وقد تفوّق في عمله لدرجة أن الشركة طلبت منه كتابة دليل تدريبي لزملائه.
الإعلانات والعمل كعميل سري
بفضل ذلك الدليل التدريبي، عُرض على أوجيلفي وظيفة كمسؤول حسابات في وكالة الإعلانات البريطانية (Mather & Crowther) بفضل أخيه الذي كان يعمل هناك وشارك الدليل مع الإدارة.
وفي عام 1938، نجح في إقناع الشركة بإرساله إلى الولايات المتحدة للعمل في معهد أبحاث الجمهور التابع للدكتور جورج جالوب. وقد نسب لاحقًا كثيرًا من نجاحه لما تعلّمه هناك.
خلال الحرب العالمية الثانية، التحق بجهاز الاستخبارات البريطاني، وتدرّب في معسكر X السري في كندا، حيث يُقال إنه:
"أتقن فنون الدعاية والإقناع، قبل أن يصبح أهم شخصية في عالم الإعلانات في أمريكا. ورغم تدريبه على التخريب والقتال، كُلّف بمهام دعائية ناجحة لتشويه سمعة رجال أعمال يمدّون النازيين بالمواد الصناعية."
وبعد الحرب، اشترى مزرعة في بنسلفانيا وعاش مع طائفة الأميش، قبل أن ينتقل لاحقًا إلى مانهاتن.
تأسيس وكالة Ogilvy & Mather
بدعم من شركته السابقة Mather & Crowther—التي أصبح شقيقه يديرها—أسس أوجيلفي وكالته الخاصة في شارع ماديسون1: Ogilvy & Mather.
على مر السنين، عملت الوكالة مع علامات مثل رولز رويس، سيرز، حكومة المملكة المتحدة، ولاية بورتو ريكو، دوف، شل، والعديد من علامات السلع الاستهلاكية الكبرى.
وفي عام 1963، نشر كتابه الأشهر اعترافات رجل إعلان، الذي أصبح من أكثر الكتب مبيعًا.
مبادئ أوجيلفي في التسويق
يضم كتاب الاعترافات قدرًا كبيرًا من النصائح العملية، لكننا سنركّز هنا على أهم المبادئ السبعة للتسويق التي يمكن استخلاصها من فلسفة أوجيلفي.
كان أوجيلفي يؤمن إيمانًا راسخًا بأن الحقائق تحقق المبيعات. واستشهد في كتابه بالبروفيسور تشارلز إدواردز الذي قال:
"كلما زادت الحقائق التي تذكرها، زادت المبيعات."
نعم، يجب الحديث عن الفوائد، لكن لا ينبغي إهمال الميزات والمواصفات. الزبائن يريدون أن يعرفوا ما الذي يشترونه، وكيف يعمل، ولماذا يستحق الثمن.
أبرز اقتباسات أوجيلفي في هذا السياق:
2. كن صادقًا
أهم قاعدة في الإعلان عند أوجيلفي: لا تكذب، فالكذب قد يدمّر سمعتك إلى الأبد.
"لا تكتب إعلانًا لا ترغب أن تقرأه عائلتك. لا تكذب على زوجتي كما لا تكذب على زوجتك."
ومن قواعده:
3. كن نافعًا
روّج أوجيلفي لفكرة أن الإعلانات النافعة تُقنع الزبون بشكل أفضل.
يشمل ذلك:
مثال: اقترح أن تُرفق الوصفات في إعلانات المنتجات الغذائية، لأنها تجعل القارئ يتفاعل ويشتري.
"عندما تقدم للقارئ نصيحة نافعة، فإنك تجذب اهتمامًا يفوق الإعلان العادي بنسبة 75٪."
4. امتلك فكرة كبرى (Big Idea)
كل إعلان أو حملة ناجحة تبدأ بـ فكرة كبرى—مفهوم مركزي واحد قوي، بسيط، لا يُنسى.
"إذا لم تحتوي حملتك على فكرة كبرى، فستمضي كالسفينة في الليل."
مثال: "أنت لستّ أنت عندما تكون جائعًا" — فكرة حملة سنيكرز.
معايير الفكرة الكبرى الجيدة:
5. لا تكن مملًّا
من أعظم خطايا التسويق أن تكون مملًا. فالممل لا يُباع.
"لا يمكنك أن تُشعر الناس بالملل ويشتروا منك، بل يمكن أن يشتروا منك فقط عندما تثير اهتمامهم."
كن فضوليًا، واهتم بما يهم جمهورك. قدّم ما يلفت انتباههم من عناوين مشوقة، قصص مثيرة، وأساليب غير متوقعة.
"قل الحقيقة، لكن اجعلها شيقة."
لكن، احذر أن يتحوّل إعلانك إلى مجرد عرض ترفيهي لا يقود إلى بيع.
6. افهم عميلك
كل ما سبق لا يُجدي ما لم تفهم جمهورك بعمق.
"المستهلك ليس غبيًا. إنها زوجتك. لا تُهِن ذكاءها."
ومن أقواله:
7. حافظ على صدق علامتك التجارية
الاستمرارية والاتساق في بناء صورة العلامة التجارية هما مفتاح النجاح طويل الأمد.
"من يملك الشجاعة لبناء صورة متماسكة والالتزام بها، سيجني الذهب."
لكن قبل الاتساق، يجب أن تُحدد ما هي علامتك أصلًا. ما هي شخصيتها؟ صوتها؟ قِيّمها؟ جمهورها؟
"من يريد أن يكون كل شيء لكل الناس، ينتهي به المطاف كعلامة لا ملامح لها."
اقتباسات إضافية:
خاتمة
"لا تكتفِ بالمستوى العادي. اصعد إلى مصاف الخالدين." — ديفيد أوجيلفي
تلخيص المبادئ السبعة:
وإذا كنت تبحث عن من يساعدك في:
فأنا هنا. أحب الكتابة، وأحب الكتابة عن الكتابة
1 شارع ماديسون (Madison Avenue) في نيويورك كان يُعتبر لفترة طويلة مركز صناعة الإعلانات في الولايات المتحدة (مثل هوليوود للسينما، أو وول ستريت للمال).
نقلًا عن: جون بيرسون
مصدر الصوة: (edmondbusiness)